mercredi 1 juin 2016

زاوية هموم الناس ... هم الغربة

زاوية هموم الناس
هم الغربة

  فى اعتقادي يختلف هم الغربة عن هم العزلة والاختلاط

 وهو أخف وطأة بالنسبة للمهموم إذا ما قورن بهم الغربة.
والغربة غربتان
الغربة الجغرافية أو غربة المهجر
والغربة الوجدانية أو غربة الدار.
وأعني بالغربة الجغرافية
غربة الإنسان الذى غادر بلده ومجتمعه إلى بلد آخر,
إما بحثا عن تحسين أوضاعه المعيشية لا غير,
فهى غربة ارتزاق.
ورغم ذلك فغربة الإرتزاق لا تخلو من الشعور بالحنين الى الجذور.
لكنها لا تخلو كذلك من الميل إلى الإندماج, 
داخل المجتمع المستقبل.
وسد الهوة بين الغريب وأبناء المجتمع الحاضن
يبدأ بالتخلى عن لغته الأم واستعماله لغة هذا البلد.
وهذا شئ عادي, لكى يحصل التواصل
فى العمل والسوق والشارع.
لكن الأمر يزداد تعقيدا إذا نقل أسرته إلى البلد الحاضن,
أو تزوج من هذا البلد,
فإن أسرته, زوجة وأبناءا, ينصهرون فى المجتمع الحاضن,
بسرعة فائقة, وتنقطع الجسور بينهم وبين البلد الأصل.
ولا يبقى داخل الوجدان إلا مسحة من حنين لا تؤثر بثاتا 
على انصهارهم فى هوية البلد الحاضن.
وكل هذا بدافع تحسين الظروف الإجتماعية
 ,والإقتصادية والسياسية
للحصول على حقوق المواطنة.
وذلك طلبا لمزيد من الإستقرار ,
وحماية للمصالح المادية والمعنوية.
وعندما يحلو له أن يزور بلده الأصل, يتصرف مع ابنتء البلد,
تصرف السائح الأجنبي فى أحسن الأحوال.
فهذا النوع فى الغربة لايعنينا فى هذا المقال.
 فالذى يعنينا هى الغربة الوجدانية الحقيقية.
وهذه تنقسم إلى قسمين:
غربة المهجر بدافع الإضطرار المعنوى
لا بدافع الإضطرار المادى,
وذلك عندما يهاجر الإنسان بيته ومجتمعه وبلده,
فرارا من خطرمحذق به, يهدد كرامته و حريته,
فيلجأ إلى بلد آخر يجد فيه الأمان ولو إلى حين,
ويستقر فيه استقرارا مؤقتا فى أغلب الأحيان,
لأنه لا يعلم كم سيدوم مقامه,
إذ يتعلق الأمر بالأوضاع التى يمر بها بلده ومجتمعه.
هل تزداد تلك الأوضاع سوءا وتدهورا,
أم بدأت الرياح تجري بما تشتهى البلاد والعباد.
وفى بعض الأحيان يغادر بلد الغربة,
إذا أصبح غير مرغوب فيه,
حاملا غربته على ظهره إلى بلد ثاني ,
وربما ثالث ورابع.
 وهذا النوع من الغربة هوالذى اصطلح عليه 
فى القانون الدولي باللجوء السياسي.
ومن خصائص اللاجئ السياسي, أنه لايقبل الإندماج 
فى المجتمع الذى استضافه.
بل يبقى مرتبطا عضويا,أشد إرتباط بمجتمعه الأصل,
وجدانيا وعقيديا ,
ثقافيا وحضاريا.
فهو لايريد أن يستبدل هويته الأصلية 
بهوية المجتمع الذى يؤويه,
ولو بمقابل تحسين حالته المادية ,
بأضعاف ما كانت عليه الحال فى بلده الأصل.
ومع ذلك تبقى الغربة فى المهجر أقل وطأة, رغم ثقلها
من الغربة الوجدانية ,بين أحضان المجتمع الأصل.
فغربة الدار أعتى من غربة المهجر,
سيما إذا كانت هذه الدار بلدا متخلفا,
عرف تدهورا فى الأحوال المعيشية للناس.
  وأكثر هولا عندما يطال التدهور حالتهم الوجدانية.
فهى التى قال عنها الرسول الأكرم:
" بدأ هذا الدين غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء"
فغربة الدار أعتى وأمر من غربة المهجر 
لأن الذى يشعر بلسعة هذا الهم
تنقطع صلته بمجتمعه, فيصبح غريبا فى سربه.
فالعلاقة السوية, بين غريب الدار ومجتمعه, 
هى التى تحدث عنها سيدنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم, فى الحديث التالى
 "إذا أصبح الرجل معافى فى بدنه, آمنا فى سربه,  
له قوت يومه, فكأنما حيزت له الدنيا وما فيها" 
والشاهد أن المطلوب أن يصبح الإنسان أمنا فى سربه
ولا يتأتى هذا إلا بالتواصل الجيد, والتفاهم والتعاون
ولا يحصل هذا إلا بالمشاركة الوجدانية
وبالأخوة الإيمانية
أما إذا كان المجتمع مقسما مفتتا مجزأ مشتتا
تتقاذفه أمواج الأهواء العاتية من كل حدب وصوب
فإن صاحبنا يكون فى حال القابض على الجمر
يتجرع مرارة الغربة ليل نهار
داخل بيته قبل خارجه
لا يجد فى زوجته معينا
ولا يلمس فى أبناءه طاعة
أما خارج بيته فهو يخاف بوائق الجوار
ومخاطر الطريق وغبن التجار
وأحابل السماسرة ومكائد الأشرار
حامد البشيرالمكي
  يناير 2010

زاوية هموم الناس ... هم الهجرة

زاوية هموم الناس
هم الهجرة

زاوية هموم الناس ... هم العزلة

زاوية هموم الناس
هم العزلة

زاوية هموم الناس ... هم الصمت

زاوية هموم الناس
هم الصمت

زاوية هموم الناس ... هم العزة

زاوية هموم الناس
هم العزة

زاوية هموم الناس ... هم التميز

زاوية هموم الناس
هم التميز

زاوية هموم الناس ... هم الكرامة

زاوية هموم الناس
هم الكرامة